متابعة خاصة – صبا. نت - ماري غطاس.
يبدا الانسان ارتشاف العلم و المعرفة منذ نعومه اظفاره و يموت ولم ياخذ من بحاره و جداوله المتجدده قطره ، فالعلم هو ركيزة اساسية لحياة صحيحة وهو حجر الاساس لبناء مستقبل واعد ومشرق، فضلا عن الثقافة و المعرفة العامة التي تساعد الانسان في كل تفاصيل حياته و تنقذه وتوجهه في مواقف حياتيه ويومية.
 فاذا كان للعلم هذه الاهمية الكبيرة التي يدركها الصغير قبل الكبير، لماذا لا نرى اللهفه و الرغبة في العيون و لا نلمسها في قلوب صغارنا اثناء توجههم لمدارسهم صباحا ؟ لما نستمع للكثير من التذمر من حولنا تجاه الدوام المدرسي و الدراسة ؟
 استوقفتنا في "صبا. نت" هذه النقطة، حيث قمنا بدراسة لشريحة من طلبة المدارس في فلسطين للوقوف على الاسباب التي قد تسرق الرغبة الحقيقية لدى الطالب ليتوجه بفرح و لهفة حقيقية للمعرفه والمغامره في مدرسته.
وكان للمنهج العلمي المتبع حصة الاسد في قتل الرغبة لدى الطالب للمدرسة، حيث اعرب الطلبة عن استيائهم تجاه اسلوب التلقين والضغط النفسي الذي يمارس في البداية على المعلم لينتقل تلقائيا للطالب على هيئة رغبه ملحه من المدرس و توتر وانحصار اهمية الحصة بانهاء الكتاب المنهجي المكون من 200 صفحة و بضع معلومات مفيدة فقط بدلا من الاهتمام بمدى استيعاب الطالب لكل نقطة بالحصة ومقدار استمتاعه بالمعلومات التي يتلقاها ومعرفة كيفية توظيفها في حياته اعتمادا على مدى فهمه للمعلومات ومقدار اتساع افقه الفكرية والعقلية فضلا عن كمية الوظائف المدرسية اليومية والامتحانات التي تعطى للطالب، التي من شانها اهلاك الاهل الذين يتبعون مع صغارهم خاصة من الصفوف الاساسية، و استنزاف طاقة الطالب الذي يقضي طيلة فترة الفصل المدرسي بالدروس سواء في الحصص او الوظائف و الامتحانات التي يحملها معه للمنزل، ليبدا و ينهي يومه بالدراسة والضغط الامور التي تؤثر سلبا على نفسيته و حالته الصحية الجسدية و العقلية وبالتاكيد على رغبته بالذهاب للمدرسة وتكرار هذه التجربة التي يعتبرها معاناه يوميه بدلا من متعه يوميه يتمناها الكثير من الاطفال المحرومين منها حول العالم.
ولاسلوب المعلم دور رئيسي في تكوين وبلورة مشاعر الطالب نحو مدرسته، فكيف له ان يفضل الذهاب لمكان يستمع فيه لشتيمته او اهانته او التقليل من شانه او قدراته او حتى التمييز بينه وبين طالب اخر من نفس العمر، ففي متابعتنا شكى الكثير من الطلبة من ان بعض المنهجيين يستعملون اسلوب الصراخ والتوبيخ تجاه طلبتهم، والتمييز على اساس المستوى الفكري حتى في كتابه اسئلة الامتحان غير مكترثين لاختلاف المستويات و القدرات الفكرية للطلبه.
ومن هنا كان لابد لنا ان نستفسر عن طبيعة المدرسة التي قد يرغب طلبتنا بالتوجه اليها كل يوم صباحا بحب و لهفة ، وماذا يريد الطالب من مدرسته. ومن الافكار المطروحه من الطلبة، الاستغناء عن اسلوب التلقين و اتباع اسلوب المشاركة، الذي يعتمد على تشكيل حلقات نقاش في نهاية كل درس ليستشف المعلم من كل طالب الثمار التي جناها من الدرس وبذلك يستطيع المعلم التعرف على مدى تفاوت مستويات طلابه الفكرية و التعليمية كما ويتاح بذلك الفرصة للطالب التعبير عن ذاته.
ايضا حبذ الطلبة فكرة الغوص اكثر في بحور التكنولوجيا خاصة وانها قد اكتسحت عالمنا وعقولنا، واعتماد الوسائل التعليمية المتطورة كاجهزة الحواسيب التعليمية بدل الحقائب المدرسية التي تهلك اجسامهم الصغيره، واستخدام وسائل تعليمية وتوضيحية اكثر ليونه و حيويه من الوسائل التقليدية الرتيبه، كالافلام الوثائقيه والصور التوضيحية.
ومن الامور التي طالب التلاميذ بالنظر بخصوصها المواد اللامنهجية التي تعتبرها ادارة المدارس حصص ترفيهية للتفريغ عن الطالب ، بينما يعتبرها الطلبة عبأ على كواهلهم و زيادة ضغوط لما تطالبهم به من وظائف، و مشاريع، و اعمال، فضلا عن عقد الامتحانات لمثل تلك المواد، و كفكرة بديلة مقترحة عن هذه المواد اتباع نظام الحصص الخارجية التي من شانها ابعادهم عن ضغط الصفوف المغلقه وتطلعهم اكثر على الطبيعه المعلم الاول للانسان و المعجزة الاكبر التي تحتضن كل انواع المعرفة و العلوم والتي ستساعدهم على اكتشاف ذواتهم و كينونتهم بطريقة عملية راسخة اكثر.
بعض الطلبة عبر ايضا عن استيائه من موعد الدوام المدرسي الباكر جدا، وعدد الحصص الطويلة، وصفحات الكتب الكثيرة، وعدد المناهج اللامتناهي، وهي امور حقيقية لكن تغييرها قد يكون صعب او على اقل تقدير يحتاج فترة زمنية طويلة للنظر به.
 ومن هنا حيث رسم طلبتنا و بنوا مدرستهم التي سيرغبون في زيارتها كل يوم صباحا بحب وليس فرض، نامل ان تصل فكرتهم بايجابية و جدية لكل من له يد تسعى للتغيير و للاستجابة الحقيقية سواء اهالي، معلمين، مسؤولين، لان العلم عماد الامه وكي يحفر بالعمق حيث لا مخرج ولا مهرب يجب ان يبدا بالرغبة وليس الرهبه.

calendar_month05/01/2017 15:55   visibility 3,402