صبا.نت
 
برقين - خاص لموقع (الفادي)

تقرير مريانة فضة

في بلدة برقين الصغيرة، التي كانت تُعرف قديمًا باسم بيت فلوة، التي لا يتجاوز عدد المسيحيين فيها 70 فردًا ، تقع كنيسة شفاء العشرة البرص، أو ما يُعرف باسم كنيسة القديس جوارجيوس، على تلة شمالية تطل على مركز البلدة التاريخي. داخل كهفٍ كان صهريج ماء روماني قبل أكثر من ألفي عام، وقعت معجزة شفاء عشرة مصابين بالبرص عندما مر السيد المسيح من هذه الأرض وفق إنجيل لوقا (17:11-19).



يقول معين جبور احد القائمين على خدمة الكنيسة كانوا عشرة رجالٍ مصابين بالبرص، معزولين عن أهل مدينتهم وفق شريعة موسى، يعيشون في عزلة خوفًا من العدوى. وعندما رأوا السيد المسيح يقترب، رفعوا أصواتهم من بعيد مستغيثين: "يا يسوع المعلم، ارحمنا!" فاستجاب لهم الرب بمعجزته، وشفاهم جميعًا عندما أرسلهم ليُظهروا أنفسهم للكهنة. ولمّا رأى واحد منهم أنه قد شُفي، عاد ممتنًا يشكر الرب، وكان هذا الرجل سامريًا، مؤكدًا أن الإيمان والشكر هما الطريق الحقيقي للنعمة والشفاء.

ومن هنا بدأت جذور انتشار المسيحية في المنطقة، حيث كان المؤمنون يمارسون شعائرهم في الكهف سرًا قبل أن يقيم القديسان هيلانة وابنها الإمبراطور قسطنطين أول كنيسة للحفاظ على الموقع المقدس في القرن الرابع الميلادي.




ويتابع جبور في حواره لموقع (الفادي) مرت الكنيسة بعدة مراحل من الهدم وإعادة البناء: بعد بنائها في 336م، دُمِّرت على يد الفرس عام 614م، وأُعيد بناؤها عام 900م، والبناء الحالي يرجع إلى الفترة بين 1300 و1800م، وفق ما يروي السيد معين جبور القائم على رعاية الكنيسة منذ حوالي ثمانية عشر عامًا، بجانب أبونا فيساريون الذي عينته البطريركية الأرثوذكسية منذ عشر سنوات.

وقد أشرف غبطة البطريرك ثيوفيلوس الثالث منذ عام 2006 على مشروع ترميم الكنيسة، وشمل إصلاح الجدار الخارجي والساحة الداخلية، لتكتمل أعمال الترميم في عام 2011، وأصبحت الكنيسة اليوم مفتوحة يوميًا لاستقبال الزوار والحجاج.



الكنيسة والمرافق التاريخية

•جرن المعمودية: عمره حوالي 900 عام ويُستخدم حتى اليوم.

•الكرسي البطريركي: الكرسي الوحيد في فلسطين المصنوع بالكامل من الحجر، ويُعد من بين كرسيين فقط موجودين في العالم، إذ يوجد الكرسي الآخر في سوريا، بينما باقي الكنائس تحتوي كراسي خشبية، وهو رمز لتاريخ الكنيسة وعراقتها.

•جدار قدس الأقداس: مصنوع من الحجر القديم، محفوظ بوضعه الأصلي.

•أيقونة السيد المسيح: عمرها 250 عامًا داخل الهيكل المقدس.

•جثامين ثلاثة رهبان وطفل صغير: اكتُشفت أثناء الترميم، وأثبتت فحوصات DNA التي أجريت لهم في جامعة النجاح أعمارهم وحقبهم التاريخية، مع قطع أثرية تتراوح أعمارها بين 500 و600 عام. وقد تم دفنهم لاحقًا في الحديقة الخاصة بالكنيسة. 

•بئر روماني: مكون من ثلاث غرف تحت الأرض، استخدم كمركز للعبادة السرية في القرن الأول.

•فتحتان في سقف البئر: استخدمتا لإيصال الطعام والماء للمصابين العشرة، ولا تزالان موجودتين حتى اليوم.

•المدرسة التاريخية: كانت أول مدرسة في برقين، أعيد ترميمها عام 2010، وتحوي مكتبة صغيرة، وتقام فيها أحيانًا قداسات للسياح، كما ارتبطت بتاريخها بمعجزة القديس جوارجيوس، حين أرشد تلميذًا مشاغبًا إلى الطريق الصحيح، مؤكدًا على القيم الأخلاقية والتربوية.



يشهد موقع الكنيسة توافدًا سياحيًا ملحوظًا، فوفقًا لـ معين جبور "كانت الكنيسة تُزار مرتين إلى ثلاثة مرات في الشهر، أما الآن فتفتح أبوابها يوميًا للزوار والحجاج من مختلف أنحاء العالم". يتم استقبال الزوار في قاعة الرعية المجاورة لتقديم شروحات تاريخية وروحية عن الكنيسة والرعية المسيحية في المنطقة.

ويتابع جبور في حواره لموقع (الفادي)"هذه الكنيسة ليست فقط أثراً تاريخياً، بل جزء من حياتنا اليومية وهويتنا المسيحية. هي ذاكرة جماعية تربطنا بأجدادنا وبالمعجزة التي حدثت هنا. كل حجر فيها ينطق بالسلام والأمل، ويذكّرنا أن الإيمان هو الذي صمد رغم كل الظروف الصعبة."

ومنذ عام 2015، يخدم الكنيسة الأب فيساريون ، الذي يرى في خدمته لهذه الرعية امتيازاً ومسؤولية كبيرة. يقول لموقع الفادي: 

"كنيسة العشرة البرص ليست فقط مكاناً للصلاة، بل منارة روحية وإنسانية. عندما يقف المؤمنون هنا للصلاة، يشعرون أنهم متصلون مباشرة بالإنجيل وبالمسيح نفسه. رسالتنا أن تظل الكنيسة مفتوحة للجميع، شاهدة على الإيمان الحي الذي لا ينطفئ."


calendar_month13/09/2025 09:58   visibility 343